الجمعة، 26 أغسطس 2022

مثال آخر للزيادة الشاذة بسبب كثرة المخالفة د ماهر الفحل

مثال آخر للزيادة الشاذة بسبب كثرة المخالفة :

روى حماد بن زيد ( ) ، عن هشام بن حسان ( ) ، عن محمد بن سيرين ، عن    أبي هريرة حديث ذي اليدين ، وذكر فيه زيادة : ((كبر)) ، فَقَالَ : ((كبر ثم كبر

وسجد ))( ).

 

وقد تفرد حماد بن زيد بذكر هذه الزيادة عن هشام بن حسان .

إذ إن هشيمَ بن بشير ( ) -وهو ثقة ( )-، ووهيب بن خالد ( ) -وهو ثقة ( )-، وحماد بن أسامة ( ) -وهو ثقة ( )-، وعبد الله بن بكر السهمي ( ) -وهو ثقة ( ) -، وأبا خالد الأحمر ( ) - وهو صدوق يخطئ ( ) - ، وأبا بكر بن عياش ( ) - وهو ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه وكتابه صحيح ( ) - .

فهؤلاء ستتهم ( هشيم ، ووهيب ، وحماد ، وعبد الله ، وأبو خالد ، وأبو بكر ) رووا هذا الحديث عن هشام بن حسان لم يذكروا الزيادة .

ثُمَّ إن الحديث قد رواه جماعة عن محمد بن سيرين ، منهم : أيوب السختياني ( ) -وهو ثقة ثبت حجة ( ) - ، وعبد الله بن عون ( ) - وهو ثقة ثبت فاضل من أقران أيوب في العلم والعمل والسن ( ) - ، ويزيد بن إبراهيم ( ) - وهو ثقة ثبت ( ) - ،  وسلمة بن علقمة ( ) - وهو ثقة ( ) - ، وقتادة بن دِعامة ( ) - وهو ثقة ثبت ( ) - ، وخالد الحذاء ( ) - وهو ثقة ( ) - ، ويحيى بن عتيق ( ) - وهو ثقة ( ) - ، ويونس بن عبيد ( ) - وهو ثقة ثبت ( ) - ، وعاصم الأحول ( ) - وهو ثقة ( ) - ، وحبيب ابن الشهيد ( ) - وهو ثقة ( ) - ، وحميد الطويل ( ) - وهو ثقة ( ) -، وسعيد بن أبي عروبة ( ) - وهو ثقة ( ) - ، وسفيان بن حسين ( ) - وهو

ثقة ( ) - ، وأشعث ابن سوار ( ) - وهو ضعيف ( ) - ، وقرة بن خالد ( ) - وهو

ثقة ( ) - ، وحماد بن سلمة ( ) - وهو ثقة ( ) - .

فهؤلاء جميعهم رووه عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، ولم يذكروا الزيادة ، قال أبو داود : (( روى هذا الحديث أيضاً حبيب بن الشهيد ، وحميد ، ويونس ، وعاصم الأحول ، عن محمد ، عن أبي هريرة لم يذكر أحد منهم ما ذكره حماد بن زيد ، عن هشام أنه كبر ثم كبر وسجد ، وروى حماد بن سلمة ، وأبو بكر بن عياش هذا الحديث عن هشام لم يذكروا عنه هذا الذي ذكره حماد بن زيد أنه كبر ثم كبر )) ( ) .

وقال البيهقي : (( تفرد به حماد بن زيد عن هشام )) ( ) ، وأشار إلى نحو هذا العلائي ( ) .

فتفرد حماد أمام هذا الجمع الغفير إمارة على أن زيادته خطأ ، إذ ليس من المعقول أن يغفل عنها الجمع من تلامذة هشام، وليس من المعقول أن يغفل عنها الجمع من تلامذة مُحَمَّد بن سيرين .

ثم إن الحديث رواه جماعة عن أبي هريرة غير ابن سيرين ، لم يذكر أحد منهم هذه الزيادة التي انفرد بها حماد ، مما يؤكد وهمه بها .

فقد رواه عن أبي هريرة : أبو سُفْيَان ( ) مولى ابن أبي أحمد ( ) ، وأبو سلمة

 

منفرداً ( ) ، وضمضم( ) بن جوس ( ) ، وسعيد بن المسيب ، وأبو بكر بن عبد الرحمان ، وأبو سلمة ، وعبيد الله بن عبد الله أربعتهم مقرونين ( ) ، وأبو سلمة ، وأبو بكر بن سليمان ( ) مقرونين ( ) ، وأبو سلمة ، وسعيد بن المسيب ، وعبيد الله بن عبد الله ثلاثتهم مقرونين ( ) ، وسعيد بن المسيب ، وأبو سلمة ، وأبو بكر بن عبد الرحمان ، وأبو بكر بن سليمان مقرونين ( ) ، وسعيد بن أبي سعيد المقبري ( ) ، وسعيد بن المسيب ( ) ، وأبو بكر بن عبد الرحمان وأبو سلمة وعبيد الله بن عبد الله ثلاثتهم مقرونين( ) .

فهؤلاء جميعهم رووه عن أبي هريرة ، لم يذكروا ما ذكره حماد من زيادة تكبيرة الإحرام لسجود السهو مما يؤكد الجزم بوهمه – رحمه الله - . 

مثال مَا حقق فِيهِ أنَّ الزيادة خطأ د ماهر الفحل

مثال مَا حقق فِيهِ أنَّ الزيادة خطأ :

مَا أخرجه عَبْد الرزاق ( ) ، قَالَ : أخبرنا معمر ، عن ثابت وقتادة ، عن أنس ، قَالَ : (( نظر بَعْض أصحاب النَّبيّ وضوءاً فلم يجده ، فَقَالَ النَّبيّ : ها هنا ماءٌ فرأَيت النَّبيّ وضع يده في الإناء الَّذِي فِيهِ الماءُ ، ثُمَّ قَالَ: توضئوا ( ) بسم الله ، فرأيت الماءَ يفور من بَيْنَ أصابعه ، والقوم يتوضئون ، حَتَّى توضئوا من عِنْدَ آخرهم)) .

ومعمر شيخ عَبْد الرزاق هُوَ معمر بن راشد الأزدي ثِقَة ثبت فاضل ( )، وشيخاه في هَذَا الحَدِيْث ثابت بن أسلم البناني وَهُوَ ثِقَة عابد ( )، وقتادة بن دعامة السدوسي وَهُوَ ثِقَة ثبت ( ). إلا أن معمر بن راشد قَدْ أخطأ بذكر زيادة : (( بسم الله )) في الحَدِيْث ؛ إِذْ إن الجمع من الرواة عن ثابت وقتادة لَمْ يذكروا هذِهِ الزيادة الَّتِي تفرد بِهَا معمر مِمَّا يدل عَلَى خطئه ووهمه بِهَا ، وشرْح ذَلِكَ فِيْمَا يأتي :

أخرج الحَدِيْث ابن سعد ( )، وأحمد ( )، وعَبْد بن حميد ( )، والفريابي ( )، وأبو يعلى ( )، وابن حبان ( ) من طريق سليمان بن المغيرة ( ) .

وأخرجه ابن سعد ( ) ، وأحمد ( ) ، وعبد بن حميد ( ) ، والبُخَارِيّ ( ) ، ومسلم ( ) ، والفريابي ( ) ، وأبو يعلى ( ) ، وابن خزيمة ( ) ، وابن حبان ( ) ، والبَيْهَقِيّ ( )، من طريق حماد بن زيد .

وأخرجه ابن سعد ( )، وأحمد ( ) من طريق حماد بن سلمة ( ).

فهؤلاء ثلاثتهم ( سليمان ، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة ) رووه عن ثابت عن أنس ، بِهِ . وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الزيادة . وَكَذَلِكَ رَوَى الحَدِيْث عن قتادة جَمَاعَة لَمْ يذكروا فِيهِ الزيادة .

فَقَدْ أخرج الحَدِيْث أحمد ( )، والبُخَارِيّ ( )، ومسلم ( )، وأبو يعلى ( )،

واللالكائي ( )، والبَغَوِيّ ( ) من طريق سعيد بن أبي عروبة ( ).

وأخرجه أحمد ( ) ، والفريابي ( ) ، وأبو يعلى ( ) ، وأبو عوانة ( ) ، وابن حبان ( )، وأبو نُعَيْم ( ) من طريق همام بن يَحْيَى . و أخرجه مُسْلِم ( ) من طريق هشام الدستوائي.

وأخرجه أبو يعلى ( ) من طريق شُعْبَة بن الحَجَّاج. فهؤلاء أربعتهم (سعيد بن أبي عروبة ، وهمام ، وهشام، وشعبة) رووه عن قتادة عن أنس بِهِ ، وَلَمْ يذكروا هذِهِ الزيادة .

إذن فليس من المعقول أن يغفل جَمِيْع الرواة من أصحاب ثابت وقتادة فيغيب عَنْهُمْ حفظ هذِهِ الزيادة ، ثُمَّ يحفظها معمر بن راشد .

ثُمَّ إن ثابتاً وقتادة قَدْ توبعا عَلَى رِوَايَة الحَدِيْث ، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الزيادة ؛ تابعهما عَلَيْهِ إسحاق بن عبدالله ( )- وَهُوَ ثِقَة حجة ( ) - وحميد الطويل ( ) وَهُوَ ثِقَة ( ) والحسن البصري ( ) .

فغياب زيادة : (( بسم الله )) عِنْدَ هذِهِ الكثرة يسلط الضوء عَلَى أن الوهم في ذكرها من معمر ، والله أعلم .

 

 

مَثَّل ابن الصَّلاح لزيادة الثِّقَة بمثالين لماهر الفحل

مَثَّل ابن الصَّلاح لزيادة الثِّقَة بمثالين

الأول:- قَالَ ابن الصَّلاح-:(( مثاله مَا رَواهُ مَالِك ، عن نافع ، عن ابن عمر: أن رَسُوْل الله r=صلي الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان عَلَى كُلِّ حرٍ أو عَبْد ، ذكر أو أنثى من المسلمين فذكر أبو عيسى الترمذي أن مالكاً تفرد من بَيْنَ الثِّقات بزيادة قوله:(( من المُسْلِمِيْنَ ))1. وروى عبيد الله بن عُمَر ، وأيوب ، وغيرهما هَذَا الحَدِيْث ، عن نافع ، عن ابن عُمَر دُوْنَ هذِهِ الزيادة ))2.

المثال الثَّانِي : -قَالَ ابن الصَّلاح- : (( ومن أمثلة ذَلِكَ : حَدِيث : (( جعلت لَنَا الأرض مسجداً وجعلت ترتبتها لَنَا طهوراً )3.

  فهذه الزيادة تفرد بِهَا أبو مَالِك : سعد بن طارق الأشجعي(4.) ، وسائر الروايات لفظها:((وجعلت لَنَا الأرض مسجداً وطهوراً))(5.) فهذا وما أشبهه يُشبهُ القِسْم الأول من حَيْثُ إن مَا رَواهُ الجماعة عام وما رَواهُ المنفرد بالزيادة مخصوص ، وَفِي ذَلِكَ مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف بِهَا الحكم ، ويشبه أيضاً القِسْم الثَّانِي من حَيْثُ إنه لا منافاة بَيْنَهُمَا ))(6.).

وهذا من الحافظ ابن الصَّلاح نظر دقيق و عميق إذَ لَيْسَ في الحَدِيْث زيادة ذكرها راوٍ لَمْ يذكرها بقية الرواة عن نَفْس المدار و اتحاد المخرج. إذ إن أبا مَالِك قَدْ تفرد بجملة الحَدِيْث عن ربعي ، وتفرد ربعي(7.) عن حذيفة بِهِ ، إلا أن في هَذَا الحَدِيْث زيادة عَلَى مَا ذكر في أحاديث أخر عن صحابة آخرين و للحافظ ابن حجر تعقيب عَلَى صنيع ابن الصَّلاح فَقَدْ قَالَ :(( هَذَا التمثيل لَيْسَ بمستقيم أيضاً ؛ لأن أبا مَالِك قَدْ تفرد بجملة الحَدِيْث عن ربعي بن حراش t كَمَا تفرد برواية جملته ربعي عن حذيفة t . فإن أراد أن لفظة (تربتها) زائدة في هَذَا الحَدِيْث عَلَى باقي الأحاديث في الجملة ، فإنه يرد عَلَيْهِ : أَنَّهَا في حَدِيث عَلِيّ t أيضاً ... و إن أراد : أن أبا مَالِك تفرد بِهَا ، و أن رفقته عن ربعي t لَمْ يذكروها كَمَا هُوَ ظاهر كلامه ، فليس بصحيح ))(8). 



([1]) الجامع الكبير 2/54 عقب (676) .

([2]) معرفة أنواع علم الحديث : 78 ، و 178 طبعتنا ، و انظر : كِتَاب العلل للترمذي المطبوع مَعَ الجامع الكبير 6/253 .

قلتُ : هكذا قال ابن الصلاح مقلّداً في هذا الإمام الترمذي ، وفيه نظر ، إذ اعترض عليه الإمام النووي فقال في إرشاد طلاب الحقائق 1/230 - 231 : (( لا يصح التمثيل بحديث مالك ؛ لأنَّهُ لَيْسَ منفرداً ، بَلْ وافقه في هَذِهِ الزيادة عن نافع : عُمَر بن نافع ، والضحاك بن عُثْمَان الأول في صَحِيْح البُخَارِيّ ، والثاني في صَحِيْح مُسْلِم )) . وبنحوه قَالَ في التقريب والتيسير : 72 و118 طبعتنا، وكذا تعقبه ابن جَمَاعَة في المنهل الروي : 58 وابن كَثِيْر في اختصار علوم الحَدِيْث 1/192 ، وابن الملقن في المقنع 1/206 ، و العراقي في التقييد و الإيضاح: 112 ، وَفِي شرح التبصرة و التذكرة 1/215 ، و1/265 طبعتنا، والصنعاني في توضيح الأفكار 2/22 ، ولعلّ أقدم مَن تكلَّم في هَذِهِ المسألة وبيّن عدم انفراد الإمام مالك بهذه الزيادة ، الإمام أبو جعفر الطحاوي في شرح المشكل 9/ 43 – 44 عقب (3423) فَقَالَ :
(( فقال قائل : أفتابع مالكاً على هذا الحرف ، يعني : من المسلمين ، أحد ممن رواه عن نافع ؟

فكان جوابنا لَهُ في ذَلِكَ بتوفيق الله عزّوجلّ وعونه : أنَّهُ قَدْ تابعه عَلَى ذَلِكَ عبيد الله بن عمر ، وعمر بن نافع ، ويونس بن يزيد )) . ثم ساق متابعاتهم ، وسنوردها لاحقاً :

وقد بيّن الحافظ العراقي في التقييد: 111–112 أنَّ كلام الترمذي لا يفهم مِنْهُ تفرد مالك ، بل هو من تصرف ابن الصلاح في كلامه ، فقال : (( كلام الترمذي هذا ذكره في العلل التي في آخر الجامع ، ولم يصرح بتفرد مالك بها مطلقاً، فقال:(( ورُبَّ حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث، وإنما يصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه مثل ما روى مالك بن أنس … )) فذكر الحديث ، ثم قال : وزاد مالك في هذا الحديث (( من المسلمين ))، وروى أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذا الحديث ، عن نافع ، عن ابن عمر ، ولم يذكروا فيه: (( من المسلمين )) . وقد روى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه . انتهى كلام الترمذي . فلم يذكر التفرد مطلقاً وإنما قيده بتفرد الحافظ كمالك ثم صرّح بأنه رواه غيره عن نافع ممن لم يعتمد على حفظه ، فأسقط المصنف آخر كلامه وعلى كل تقدير فلم ينفرد مالك بهذه الزيادة ، بل تابعه عليها جماعة من الثقات )) .

 

وقد وجدنا له تسع متابعات هي :

1- عبيد الله بن عمر : وقد اختلف عليه فيه ، وعامّة أصحابه لا يذكرون هذه الزيادة في حديثه ، ومنهم :

·      يحيى بن سعيد القطان : عند أحمد 2/ 55 ، والبخاري 2/ 162 (1512) ، وأبي داود ( 1613 )، وابن خزيمة ( 2403 ) ، والبيهقي 4 / 160 ، وابن عبد البر 14 / 316 .

·      محمد بن عبيد الطنافسي : عند أحمد 2/ 102 ، وابن زنجويه في الأموال (2357) ، والبيهقي في الكبرى 4 / 159 و 160 ، وابن عبد البر في التمهيد 14 / 317 .

·      عيسى بن يونس : عند النسائي 5 / 49 ، وفي الكبرى ( 2284 ) ، وابن عبد البر 14/316 .

·      عبد الله بن نمير : عند مسلم 3 / 68 ( 984 ) ( 13 ) .

·      أبان بن يزيد العطار : عند أبي داود ( 1613 ) .

·      بشر بن المفضل : عند أبي داود ( 1613 ) ، وابن عبد البر 14 / 316 .

·      حماد بن أسامة : عند ابن أبي شيبة ( 10355 ) ، ومسلم 3 / 68 ( 984 ) ( 13 ) .

·      عبد الأعلى بن عبد الأعلى : عند ابن خزيمة ( 2403 ) .

·      المعتمر بن سليمان : عند ابن خزيمة ( 2403 ) .

·      سفيان الثوري : عند الدارمي (1669) ، وابن خزيمة (2409) ، والطحاوي في شرح المعاني 2/44 ، وأبي نعيم في الحلية 7 / 136 ، والبيهقي 4 / 160 .

ورواه سعيد بن عبد الرحمان الجمحي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، به . وذكر الزيادة . أخرجه : أحمد 2 / 66 ، والطحاوي في شرح المشكل ( 3424 ) و (3425) ، والدارقطني 2/ 145 ، والحاكم 1 / 410 ، والبيهقي 4/166 ، وابن عبد البر 14 / 318 .

وقال أبو داود عقب ( 1621 ) : (( رواه سعيد الجمحي ، عن عبيد الله ، عن نافع ، قال فيه : (( من المسلمين )) ، والمشهور عن عبيد الله ليس فيه : (( من المسلمين )))) .

وقال ابن عبد البر : (( وأما عبيد الله بن عمر فلم يقل فيه : (( من المسلمين )) عنه أحد – فيما  علمت – غير سعيد بن عبد الرحمان الجمحي )) .

أقول : سعيد ليست حاله ممن يحتمل له مثل هذا التفرد لا سيّما مع شدة المخالفة فقد قال الإمام أحمد :
(( الجمحي روى حديثين عن عبيد الله بن عمر ، حديث منهما في صدقة الفطر . وقال : أُنكر على الجمحي هذين الحديثين )) . مسائل صالح لأبيه الإمام أحمد 2 / 458. وقال ابن عدي : (( له أحاديث غرائب حسان ، وأرجو أنها مستقيمة ، وإنما يَهِمُ عندي في الشيء بعد الشيء : يرفع موقوفاً ويوصل مرسلاً ، لا عن تعمد )) . الكامل 4 / 456 .

قال الدكتور بشار في تعليقه على الموطأ 1 / 382 ، وعلى جامع الترمذي 2 / 54 : (( في هذا نظر فقد تابع سعيداً سفيان الثوري في روايته هذه عن عبيد الله )) .

  كذا قال متوهماً !! وأنت خبير بأن تسعة من أصحاب عبيد الله بن عمر رووه عنه بلا ذكر لهذه الزيادة
البتة ، في حين أنه – وهو : سفيان الثوري – رواه أيضاً من غير هذه الزيادة ، ومن ادَّعى أنه رواه عن عبيد الله بهذه الزيادة فقد حمَّل روايته ما لا تحتمله ، وإليك البيان :  

   روى الدارمي هذا الحديث عن الفريابي عن الثوري ، ورواه البقيّة من طريق قبيصة عن الثوري ، كلاهما الفريابي وقبيصة لم يذكرا فيه هذه الزيادة عن الثوري .

ولكن الرواية التي يدعي الدكتور متابعة سفيان فيها لسعيد الجمحي ، أخرجها عبد الرزاق (5763) ومن طريقه الدارقطني 2 / 139 ، عن الثوري وابن أبي ليلى مقرونين عن عبيد الله .

فأنت ترى أن عبد الرزاق خالف الفريابي وقبيصة في روايته عن الثوري لهذا ، لكن روى الدارقطني 2/139 من طريق ابن زنجويه ، عن عبد الرزاق ، عن سفيان ، عن عبيد الله ، به ، غير مقرون بابن أبي ليلى وفيه هذه الزيادة . والراجح رواية الفريابي وقبيصة ؛ لأن العدد أولى أن يسلّم له بالصواب ؛ ولأن عبد الرزاق ضُعِّفَ بالاختلاط، ومن الراجح أن سماع ابن زنجويه كان بعده ، فلعلَّ بعض الرواة حمل رواية الثوري على رواية ابن أبي ليلى ، ومن هنا قال ابن حجر : (( يحتمل أن يكون بعض رواته حمل لفظ ابن أبي ليلى على لفظ عبيد الله )) . فتح الباري 3 / 370 .

ومن هذا يظهر أن هذه الزيادة في حديث سفيان الثوري عن عبيد الله غير محفوظة، والصحيح أنه روى الحديث كسائر أصحاب عبيد الله بن عمر من غير زيادة .

2- كثير بن فرقد : عند الدارقطني 2/140، والحاكم 1/410، والبيهقي 4/162، وابن عبد البر 14/319.

3- عبد الله بن عمر : عند عبد الرزاق ( 5765 ) ، وأحمد 2 / 114 ، والدارقطني 2 / 140 . وكذا ابن الجارود في المنتقى (356) ؛ لَكِنْ وقع فِيْهِ تحريف ، فوقع فِيْهِ (( عبيد الله )) مصغراً . وجاء عَلَى الصواب في غوث المكدود .

4- ابن أبي ليلى : عند الدارقطني 2/139 . ورواه عبد الرزاق (5763) عنه وعن الثوري مقرونين . ورواه الطحاوي في شرح المعاني 2 / 44 من طريق يحيى بن عيسى الفاخوري عن ابن أبي ليلى ، وليس فيه الزيادة .

5- يونس بن يزيد : عند الطحاوي في شرح المشكل (3427) ، وفي شرح المعاني 2 / 44 ، وابن عبد البر 14 / 319 .

6- المعلى بن إسماعيل : عند ابن حبان ( 3293 ) ، والدارقطني 2 / 140 .

7- عمر بن نافع : عند البخاري 2 / 161 ( 1503 ) ، وأبي داود (1612) ، والنسائي 5 / 84 ، والطحاوي في شرح المشكل (3426)، وابن حبان (3303)، والدارقطني 2/139 ، والبيهقي 4/162، والبغوي ( 1594 ) .

8- أيوب بن أبي تميمة السختياني : عند ابن حبان (2411) ، والطحاوي في شرح المشكل (3427) .

9- الضحاك بن عثمان : عند مسلم 3 / 69 ( 984 ) ( 16 ) .

قال الدارقطني في السنن 2 / 139 : (( وكذلك رواه سعيد بن عبد الرحمان الجمحي ، عن عبيد الله بن عمر ، وقال فيه : (( من المسلمين )) . وكذلك رواه مالك بن أنس والضحاك بن عثمان ، وعمر بن نافع والمعلى بن إسماعيل وعبد الله بن عمر العمري وكثير بن فرقد ويونس بن يزيد ، وروى ابن شوذب عن أيوب عن نافع كذلك )) .

وبهذا تبين أن الإمام مالكاً لم ينفرد بهذه الزيادة ، وإن لم يكن مَنْ تابعه يبلغ مرتبةً في الحفظ والإتقان ، إلا أن دعوى التفرد لا تصح في كل حال .وقد قال الإمام أحمد : (( كنت أتهيب حديث مالك (( من المسلمين )) يعني : حتى وجدته من حديث العمريين ، قيل له: أمحفوظ هو عندك (( من المسلمين )) ؟ قال: (( نعم )) . شرح علل الترمذي 2 / 632 . والله أعلم .

([3]) أخرجه: الطَيَالِسِيّ (418) ، و ابن أبي شَيْبَة ( 1662 ) و ( 31640 ) ، و أَحْمَد 5/383 ، وَمُسْلِم 2/63(522)(4) ، و النَّسَائِيّ في الكبرى (8022) ، و ابن خزيمة ( 264) ، و أبو عوانة 1/303 ، والطحاوي في شرح المشكل (1024) (4490) ، و ابن حبان (1694) (6409) و ط الرسالة (1697) (6400) ، والآجري في الشريعة ( 499) ، و الدَّارَقُطْنِيّ 1/175-176و 176، واللالكائي في أصول الاعتقاد (1444)(1445) ، و البَيْهَقِيّ 1/213 و 223 و 230 .

([4]) هُوَ سعد بن طارق ، أبو مالك الأشجعي الكوفي : ثقة ، توفي في حدود سنة ( 140 ه‍) .

الثقات 4/294 ، وتهذيب الكمال 3/121 ( 2195 ) ، والتقريب ( 2240 ) .

([5]) فَهُوَ مروي من حَدِيث عدة من الصَّحَابَة مِنْهُمْ :

1- جابر بن عَبْد الله ، عِنْدَ :

ابن أَبِي شَيْبَة ( 7749 ) ، (31633) ، و أَحْمَد 3/304 ، و الدارمي (1396) ، و البُخَارِيّ 1/91 (335) و 1/119 (438) ، وَمُسْلِم 2/63 (521) (3) ، و النَّسَائِيّ 1/209 و 2/56 وَفِي الكبرى ، لَهُ (815) ، و أبي نُعَيْم في المستخرج (1150) ، و البَيْهَقِيّ 2/433 وَفِي الدلائل ، لَهُ 5/472-473 . من طريق سيار أبي الحكم ، عن يزيد الفقير ، عن جابر .

2- عَبْد الله بن عَبَّاس ، عِنْدَ :

ابن أَبِي شَيْبَة (7750) و (31634) ، و أحمد 1/250و 301 ، و عَبْد بن حميد (643) ، و الطبـراني في الكبير (11047) (11085) ، و البَيْهَقِيّ 2/433 وَفِي الدلائل ، لَهُ 5/473-474.

3- أبو موسى الأشعري ، عِنْدَ :

ابن أبي شَيْبَة (31636) ، وأحمد 4/416 .

 

 4-أَبُو ذر الغفاري ، عِنْدَ :

ابن أبي شَيْبَة (31641) ، و أحمد 5/145 و 147 ، والدارمي (2470) ، وأبي دَاوُد (489) ، والبَيْهَقِيّ في دلائل النبوة 5/473 .

 5- أبو هُرَيْرَة ، عِنْدَ :

أحمد 2/411 ، ومُسْلِم 2/64(523) (5) ، و التِّرْمِذِي (1553) ، و ابن ماجه (567) و الطحاوي في شرح المشكل (1023) (1025) (4487) (4488) ، و أبي نُعَيْم في المستخرج (1153) ، و البَيْهَقِيّ 2/433 ، 9/5 و في الدلائل ، لَهُ 5/472 ، و البَغَوِيّ (3617 ) .

6- ابن عُمَر ، عِنْدَ :

البزار في كشف الاستار (311) ، والطبراني في الكبير (13522) ، وغيرهم . وانظر : شرح السيوطي : 188-189 ، وأثر علل الحَدِيْث 264-265 .

([6]) معرفة أنواع علم الحديث : 78-79 ، 182-183 طبعتنا .

([7]) هُوَ ربعي بن حراش ، أبو مريم العبسي ، الكوفي : ثقة عابد مخضرم ، يروي عن الصَّحَابَة ، توفي سنة (100 ه‍) . أسد الغابة 2/162 ، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/176 ( 1824 ) ، والتقريب ( 1879 ) .

([8]) النكت عَلَى كِتَاب ابن الصَّلاح 2/700-701 .

----------------------------

 

الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان متردداً بين ثقة وضعيف د ماهر الفحل

  الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان متردداً بين ثقة وضعيف الاختلاف في الأسانيد ملحظ مهم للرجل الذي يحب الكشف عن العلل الكامنة في ...